فيكتوريا وعبدول

لربما تكون هذه القصة التي هي أقرب إلى الأساطير والحكايات الخيالية من أجمل القصص الإنسانية المليئة بمشاعر الود والمحبة  في القرن الماضي ، فبطلا هذه الأسطورة مختلفان كثيراً عن بعضهما فالأولى واحدة من أعظم الملكات في العالم الملكة البريطانية فيكتوريا ،والثاني شاب من عامة الشعب الهندي .

الهند

في الهند ولدى عائلة هندية بسيطة مكونة من ستة أفرد ، نشأ الطفل الثاني بطل هذه القصة ليغدو شاباً جذاب الملامح طويل القامة ، في العشرينات من عمره تقرر ارساله إلى لندن ليشارك في تقديم قلادة  سوف تهدى للملكة  فيكتوريا بمناسبة انقضاء 50 عاماً على توليها الحكم .

لندن

وفي القصر الملكي  البريطاني ، كانت الملكة ذو ال60 عاماً وأم لتسعة أطفال تعيش حياة روتينية مملة غير مكترثة لأي شيء خصوصاً بعد وفاة زوجها الملك ألبرت ومن ثم صديقها جون براون .

اللقاء

طغت وسامة عبدول (عبد الكريم ) على الانطباع الأول للملكة وذلك في حفل اليوبيل الذهبي الذي حضره الكثير من الأمراء والملوك ، ثم ما لبث عبد الكريم يجذب انتباه الملكة حتى في أطباق الطعام ، حيثُ أضافت الملكة طبق الدجاج بالكاري الهندي التقليدي إلى قائمة الأطباق الملكية الدائمة .

ترقية عبدول في البلاط الملكي

وفي هذا الوقت في أوربا كانت الأفضلية لذوي البشرة البيضاء لدرجة أن اختلاط الخدم من اللونين كان غير محبذ، فكيف بوجود عبد الكريم الأسمر اللون مقرب من الملكة  في البلاط الملكي دائماً .

تعرّض عبدول للكثير من التصرفات العنصريّة من كل أقرباء الملكة والموجودين في القصر ،لكن انسانيته طغت على كل شيء فهو دائماً حاضر من أجل الملكة وسماع ما تريد قوله ومناقشتها في أي شيء مهما كان ،مما جعل الملكة تقرّبهُ إليها ليحظى بمكانه رفيعة في قلبها وفي بلاطها فرّقته من خادم إلى معلم(المونشي) يقوم بتدريسها اللغة الهندوستانية ثم إلى مستشار الملكة الأول فيما يخص أمور الهند بعدما أصبحت تحت الحكم الملكي ، ليساعد عبد الكريم  في حل الكثير من القضايا والثورات في الهند .

العلاقة الانسانية بين عبدول والملكة

وجدت الملكة في شخص عبدول الأبن والصديق والأخ والرفيق فعّوضها عن الجميع ،حتى أن الرسائل التي كانت ترسلها فيكتوريا إلى عبد الكريم كانت توقعها ب أمك المحبة – صديقتك المقربة – الكثير من القبلات .

وفعلاً لم يبخل عبد الكريم عن صديقته بشيء ،وراح يشرح لها أصول  وتعاليم الدين الإسلامي والقرآن الكريم .

كما أمرت الملكة باستقدام زوجة وأسرة عبد الكريم إلى لندن من أجل أن يمكثوا معها في القصر، ومن الطريف أنه بالرغم من كره الملكة الكبير للتدخين إلا أنها سمحت لأب عبد الكريم بتدخين الأرغيلة في أروقة القصر .

استمرت صداقتهما ل14 عاماً انتهت بوفاة الملكة ،الملكة التي كانت على فراش الموت نطقت بأخر كلماتها ل عبد الكريم الابن والصديق ،ليعود بعد ذلك مطروداً من القصر ومن بريطانيا كلها فبأوامر من إدوارد السابع تم حرق جميع الرسائل والوثائق الموجودة في بيت عبد الكريم .

عاد عبد الكريم مطروداً من بريطانيا إلى الهند ليعيش ويذكر فيكتوريا وأيام وجوده في البلاط الملكي ،ولم يرزق عبد الكريم بأولاد ،ليموت وحيداً بعد ثماني سنوات .

 لتوثق هذه القصة على يد الكاتبة شراباني  باسو وتعرض ك فيلم في عام 2017 .

                                                                                                               بيلا